افتتاحية: لماذا التحالف العمالي-الفلاحي؟

افتتاحية: لماذا التحالف العمالي-الفلاحي؟

annahj_542-1-1209x432 افتتاحية: لماذا التحالف العمالي-الفلاحي؟
كلمة العدد 542 من جريدة النهج الديمقراطي
لماذا التحالف العمالي-الفلاحي؟



– دروس من التاريخ

كانت البرجوازية في فرنسا في حاجة للفلاحين لانجاح ثورة 1789 ضد الفيودالية. لذلك كان لزاما عليها التحالف مع الفلاحين وبالتالي تلبيية مطلبهم الأساسي المتمثل في الأرض من خلال نزع الأراضي من الفيوداليين وتوزيعها عليهم.

لقد كان أحد أهم أسباب فشل كمونة باريس هو دعم الفلاحين للبرجوازية لأن هذه الأخيرة عبئتهم ضد كمونة باريس على اعتبار أن الكمونة ستنتزع منهم أراضيهم وفي غياب توفر الكمونة على برنامج يجسد التحالف بين العمال الذين كانوا القوة الأساسية في الكمونة والفلاحين،  ويواجه ادعاءات البرجوازية.

كما أن أحد أهم أسباب فشل ثورة 1905 في روسيا هو عدم انخراط الفلاحين فيها. وقد قام الحزب البلشفي باستخلاص الدروس منها وطرح كشعار للتحالف العمالي الفلاحي، النضال من أجل الدكتاتورية الديمقراطية والثورية للبرولتاريا والفلاحين. وخلال الحرب العالمية الأولى ولكون الفلاحين كانوا أكبر المتضررين منها (أغلبية الجنود كانوا فلاحين وكانت المجاعة تهددهم…)، طرح لينين كشعار يستجيب لواقعهم ويجسد التحالف العمالي الفلاحي، السلام والأرض والخبز.

واستطاعت الأحزاب الشيوعية في الدول المستعمرة والشبه مستعمرة، التي بنت التحالف العمالي الفلاحي من خلال ربطها بين النضال ضد الاستعمار ونضال الفلاحين من أجل أراضيهم التي استولى عليها المعمرون والفيوداليون، أن تنجز مهام التحرر الوطني على طريق الاشتراكية (الصين وفيتنام وكوريا…).

2 – دروس من تاريخ المغرب:

وفي بلادنا، بسبب أخطاء الحزب الشيوعي الذي تأخر في المطالبة بالاستقلال، أخدت البرجوازية مبادرة المطالبة به واستلمت قيادة النضال من أجل الاستقلال. كما أن الحزب الشيوعي المغربي، حين تدارك الأمر، لم يربط بين النضال ضد الاستعمار والنضال من أجل استرجاع الفلاحين لأراضيهم المسلوبة من طرف الإقطاع والإستعمار، الشيء الذي أدى إلى استقلال شكلي وإلى التصالح بين المَلَكية والاقطاع، رغم دعم هذا الأخير للإستعمار بعد نفي السلطان محمد بن يوسف، وتشكل كتلة طبقية سائدة تتكون من الاقطاع الذي تحول في غالبيته إلى برجوازية زراعية انضاف إليها الموظفون الكبار في الأجهزة العسكرية والأمنية والمدنية وأيضا المسئولون السياسيون والنقابيون وغيرهم من الموالين للمخزن المستفيدين من ضيعات المعمرين ليشكلوا طبقة ملاكي الأراضي الكبار وبرجوازية تجارية وخدماتية وصناعية، هاتان الطبقتان تبعيتان للامبريالية خاصة الفرنسية.

هكذا فإن الفلاحين في بلادنا لم يسترجعوا الأراضي التي سلبت منهم من طرف الإستعمار (مليون هكتار من أجود الأراضي) وعملائه من الإقطاعيين.

إن الفلاحين يعانون من سيرورة متسارعة من التفقير والبلترة بسبب استيلاء ملاكي الأراضي الكبار على أجود الأراضي وعلى حصة الأسد من المياه. كما يتضررون من النهب الذي يتعرضون له من طرف الرأسمال التجاري الذي يستحود على منتوجهم بأبخس الأثمان والرأسمال والصناعي والتجاري الذي يبيع لهم البذور والأسمدة والآلات بأثمان مرتفعة والبنوك التي تفرض عليهم نسب فائدة مرتفعة. ومنذ الثمانينات من القرن الماضي وبسبب تطبيق السياسات الإقتصادية النيولبرالية إزدادت معاناتهم بسب تراجع الدعم الذي كانت تقدمه الدولة لهم.

وتتفاقم معاناة الفلاحين بسبب هجوم الكتلة الطبقية السائدة والسعودية والإمارات والكيان الصهيوني منذ تطبيع النظام معه على أراضي الجموع.

صحيح أن نسبة الفلاحين في مجموع السكان قد عرفت تراجعاً كبيرا (سكان البادية كانوا يشكلون 90 في المئة من السكان غذاة الاستقلال الشكلي واصبحوا حاليا 45 في المئة). لكنهم لا زالوا يشكلون كتلة بشرية هامة ومتجانسة أكثر من العمال وكادحي الأحياء الشعبية.

ولذلك فإن التحالف الفلاحي لا زال يحتفظ براهنيته وأهميته القصوى في النضال من أجل التغيير الجدري.

الشيء الذي يطرح علينا القيام بانتفاضة داخل حزبنا لمواجهة ضعف الإهتمام بالفلاحين والإجتهاد، خاصة لتشخيص دقيق لواقعهم ومطالبهم وتحديد الشعارت الملائمة وإبداع الأشكال النضالية المناسبة وتوجيه الأدوات والإمكانات التي نتوفر عليها وإبداع أخرى للتجدز وسطهم.

النسخة الإليكترونية لجريدة النهج الديمقراطي العدد 542
التقرير السياسي المقدم للجنة المركزية: دورة شهيدات وشهداء الشعب الفلسطيني