التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024

التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
Capture-decran-2023-04-18-144150 التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024


التيتي الحبيب
رئيس التحرير

من وحي الأحداث
جريدة النهج الديمقراطي العدد 552

قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024

اثأر رد إيران الكثير من التعليقات بين المؤيد والمستنكر. وهناك من اعتبر الرد لعبة سياسية أو مسرحية تحكمها قواعد لعب متفق عليه مع الامبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني.

أرى أن الموضوع أكثر جدية، ويتطلب قدرا مهما من المسؤولية لتحليله أو لإبداء الرأي والتقييم بصدده. بغض النظر عن الموقف من النظام الإيراني وعن طبيعة تناقضاته مع الأنظمة الرجعية الخليجية؛ فإن ما حدث يوم 13 ابريل له دواعيه وحيثياته، وسيكون من المفيد معرفتها لأنها تدخل ضمن التحليل الملموس.

لقد تعرض النظام الإيراني إلى اعتداء إرهابي من طرف الكيان الصهيوني وبالأراضي السورية في السابق. لقد تم اغتيال من يعتبر الشخصية الثانية في الدولة الإيرانية وهو الجنرال السليماني، ولم يتجاوز الرد الإيراني مستوى الإدانة والشجب السياسيين، ولم يتعداه إلى الرد العملي كما حدث مع الاعتداء الثاني على القنصلية الايرانية بدمشق. جاء الرد العسكري كما تابعه العالم يوم 13 ابريل، وذلك باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ مجنحة او باليستية أرهبت الكيان الصهيوني، وتصدى لها بمساعدة الأسطول الأمريكي والفرنسي والبريطاني وربما حتى الطيران الأردني.

اعتقد أن المستجد الذي جعل الجيش الإيراني يرد بهجمات عسكرية، هو هذه الملحمة التي يخوضها الشعب الفلسطيني بغزة والتي وصلت إلى أكثر من 210 يوما ولم يستطع الجيش الصهيوني المدعم أمريكيا من إعلان انتصاره وقتل المقاومة الفلسطينية. لقد أصبح لزاما على النظام الإيراني أن يرد عمليا وماديا على الاعتداء الذي تعرض له. ما يهمني هنا هذا المستجد الذي وجد النظام الإيراني نفسه مساقا له وهو الدخول للمعركة ولو رمزيا.

هكذا نرى أن محرك الصراع بالمنطقة، هو الكفاح الفلسطيني وتضحيات الشعب الفلسطيني والتي أصبحت تدهش العالم، وتوقظ الضمائر حتى في عقر دار الامبريالية. فتحية لهذا الصمود الرائع، ولقدرته على فتح طريق الصراع المسلح وتغيير المعادلات بالمنطقة. علينا أن نقرا هذه الخطوة الإيرانية بعين موضوعية، ترى بأن صمت وتكالب الأنظمة التي تدعي الممانعة لن يدوم، وهناك من بدأ يستشعر واجبه في مصارعة الكيان الصهيوني دفاعا على نفسه كنظام، قبل أن يدخل في مناصرة الشعب الفلسطيني بشكل مباشر وعملي. سيكون من الخطأ ومن الحول السياسي عدم تقدير هذا الموقف الإيراني، واعتباره هو الحد الأدنى الذي يجب أن يتم التعامل به من طرف إيران وجميع الأنظمة المحيطة. فإذا توفرت الإرادة السياسية للنظام الإيراني للدفاع على نفسه ضد الاعتداءات الصهيونية، فما يمنع بقية الأنظمة من فعل ذلك وحسبي هذا ما ستطالب به الشعوب مستقبلا من اجل الدفاع عن نفسها ضد الغطرسة الصهيونية والامبريالية في المستقبل.

اعتقد أن هذا الموقف يسمح بالتعامل السياسي مع الكيان الصهيوني، ويفيد في استنهاض الشعوب، على عكس من يرى فيه مسرحية أو يعتبر النظام الإيراني عدو استراتيجي وتكتيكي ولا يمكنه أن يساهم ولو بحبة خردل في الصراع ضد الكيان الصهيوني؛ وهذا حول سياسي لا علاقة له بالمنهج المادي الجدلي.