من وحي الأحداث: آفة الغلاء جزء من سياسة تفقير المفقرين

من وحي الأحداث: آفة الغلاء جزء من سياسة تفقير المفقرين
التيتي الحبيب: رئيس التحرير

آفة الغلاء جزء من سياسة تفقير المفقرين.

يعتقد الكثيرون بان الغلاء، هو بسبب الاختلال بين العرض والطلب وتعطل تدخل اليد الخفية للسوق تلك اليد التي ترجع الأمور إلى نصابها. هذا الخطاب المنطقي الصوري ماكر وخداع، لأنه يخفي الأسباب الأساسية في الموضوع.

فلكي يختل التوازن بين العرض والطلب، فان الطبقة الاحتكارية تتحكم في قطبي المعادلة. إنها تضيق على الإنتاج وتوجهه إلى وجهة تجني منها الإرباح الطائلة والسريعة، ولا تخطط لتوفير المواد الأساسية لمعيشة الجماهير الشعبية. فبلدنا الفلاحي لا ينتج الحاجيات الأساسية للعيش، وإنما ينتج المواد التي تطلبها السوق العالمية، وبذلك يتم التفريط بالسيادة الغذائية لشعبنا، مقابل جني الإرباح الطائلة من الزراعات التصديرية المستهلكة للفرشة المائية وللتربة، متسببة في التصحر وانتشار الجوع وسط المنتجين لتلك المواد الفلاحية المصدرة. كما أن الكتلة الطبقية السائدة الاحتكارية تفرط في الصناعات البترولية وتغلق سامير وتستورد المحروقات وتقرر الأسعار كما تريد وتشتهي؛ مما يسبب غلاء المحروقات وانعكاسه على أسعار جميع المواد الأساسية والخدمات الضرورية.

تتدخل الكتلة الطبقية السائدة في الطلب، لما تمنع الزيادة في الأجور أو تقرر بعض الزيادات الطفيفة والمنفصلة عن الزيادات المهولة في الأسعار. كما أنها تتدخل في الطلب، لما تقرر ميزانية تقشفية للدولة، بما يعنى الامتناع عن خلق مناصب الشغل والتوظيف لليد العاملة وللطاقات الشبابية، وهي بذلك تحرم أوسع فئات العاطلين من الدخل ومن القدرة الشرائية. هذه هي الأسباب الأساسية في الاختلال الحاصل بين العرض والطلب، ولا دخل لليد الخفية للسوق في خلق التوازن بين العرض والطلب على المواد المعيشية الأساسية أو الخدمات الاجتماعية الحيوية والضرورية.

من اجل مواجهة الغلاء، على القوى المناضلة أن تتوجه إلى تعرية الأسباب الحقيقية وان تحاربها وان تقرر في برامجها النضالية خطة سديدة تتوجه إلى الكتلة الطبقية السائدة، وان تعري المسؤولين المباشرين عن الاحتكار وعن تقرير سياسات التبعية التي يرزح تحتها شعبنا. إن هذه الكتلة الطبقية السائدة خادمة لمصالحها عبر خدمتها بالوكالة لمصالح الشركات الامبريالية المتعددة الاستيطان، والمؤسسات الامبريالية الساهرة على خدمة التقسيم الدولي للعمل والمكلفة بفرض قوانينه وشروطه.

لذا يعتبر النضال ضد الغلاء مدخل أساسي من اجل النضال ضد التبعية والاستغلال الفاحش، الذي يقوم به الرأسمال التبعي ببلادنا والذي يوظفه في عملية حل أزماته المتواصلة، على حساب قوت الجماهير الشعبية قاطبة. الغلاء ينتج الأرباح الطائلة في يد كمشة من الاحتكاريين، وفي ذات الوقت يهدر القدرة الشرائية، ويخلق المزيد من الفقر وأسبابه في صفوف الغالبية العظمى من شعبنا.