انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو (V)

انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو (V)
مرتضى لعبيدي: أستاذ باحث تونسي

انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو (5/5)

ترجمة مرتضى العبيدي

على المستوى الاقتصادي والاجتماعي

1- تشييد اقتصاد وطني مزدهر من أجل تلبية حاجيّات الشعب، واستغلال ثروات البلاد وتنميتها من طرف الشعب الذي سيقرّر بنفسه التوجّهات والتنظيم وقيادة بناء الاقتصاد الوطني.
2- تركيز السيادة الماليّة والقطع مع التبعيّة تجاه الامبرياليّة وخاصّة الفرنسيّة التي تستعمل العملة لاستغلال واضطهاد بلادنا وشعبنا؛ والسعي إلى خلق عملة وطنية مستقلّة.
3- التخلّص تدريجيّا من البطالة، وتوفير الشغل لكلّ المواطنين والبحث عن حلّ مناسب لمسألة الهجرة.
4- التخلّي عن الأداءات والضرائب غير العادلة التي تقصم ظهر الشعب، وخلق نظام جبائي سليم وقادر على تحقيق العدالة الجبائيّة.
5- وضع حدّ لبرنامج الإصلاح الهيكلي والخوصصة العشوائية، وتأميم القطاعات الاستراتيجية للاقتصاد، والمؤسّسات التي بحكم حجمها وطبيعة إنتاجها لها أهمّيّة إستراتيجية في البلاد.
6- رفض دفع الديون التي اقترضتها الحكومات الاستعماريّة الجديدة والتي أفقدت البلاد استقلالها وسيادتها.
7- انجاز الإصلاح الزراعي والعقاري من أجل وضع الأراضي المنتجة بين أيدي من يفلحها؛ وافتكاك الأراضي من الأغنياء الجدد، وملاكي الأراضي الذين سطوا على أراضي الفلاحين الفقراء وتجميعها من أجل إعادة إسنادها للفلاحين الفقراء.
8- إحكام الرقابة على الموارد البشريّة واستغلالها لصالح الشعب ونموّ البلاد؛ ووضع حدّ لنهب الموارد الطبيعيّة من طرف الاحتكارات والامبرياليّة وحلفائهم من البورجوازيّة الرجعيّة.
9- حلّ مشكلة السكن سواء في المناطق العمرانيّة أو الريفيّة؛ ووضع برنامج من أجل تحسين المسكن الريفي وذلك من أجل تطوير ظروف العيش في الرّيف.
10- تصفية الأمّيّة، وتركيز التربية الإلزامية والمجانيّة إلى حدّ الستّة عشر سنة بالنسبة للأطفال من الجنسين؛ وتجميع ومركزة القدرات والمعارف الجماعيّة من أجل تطوير ثقافة علميّة ديمقراطيّة.
11- القضاء على الأمراض المتوطّنة والأوبئة وتطوير التربية الصحّيّة والرعاية الطبيّة للمتساكنين.
12- تطوير البُنى التحتيّة الضروريّة من أجل النهوض بالأنشطة الترفيهيّة، والثقافيّة والرّياضيّة والفنيّة.
13- تهيئة الأراضي في كامل البلاد، وتجهيزها من أجل تحسين ظروف عيش السكّان ومن أجل تشجيع النموّ الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وهكذا، ستتوزّع شبكات النقل والطّاقة والمواصلات والماء في كلّ أنحاء البلاد.
14- وضع الأسس اللازمة لتطوير الأرياف والقضاء على التخلّف وتعصير الفلاحة، وتقليص الفوارق بين المدن والأرياف بفضل تهيئة المناطق الريفيّة والتنمية المعقلنة لمختلف مناطق البلاد.
15- تثمين اللغات الوطنيّة وإدخالها في مختلف المستويات التعليمية، وإدخالها إلى الإدارة، والنظام القضائي وفي مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعيّة؛ استعمال اللغات المحليّة كوسيلة لإنتاج المعرفة والتطوّر ونشر المعارف العلميّة والتقنيّة.
إن انتصار الثورة، وتطبيق هذا البرنامج الثوري في مجمله من طرف الحكومة الثوريّة المؤقّتة، سيساعدان على:

• تصفية النظام الاستعماريّ الجديد بصورة نهائيّة، هذا النظام الذي يعطّل القوى المنتجة، ويبقي الشعب في تخلّفه على جميع المستويات.
• تحرير وتطوير القوى المنتجة بفضل افتكاك الحرّيات السياسيّة، وحريّة الإنتاج، وحريّة بعث المؤسّسات.
• تكريس المراقبة الشعبيّة على إدارة شؤون الدولة، وانخراط الجماهير الشعبيّة الفعلي في ذلك.

كل هذا يهيّئ الظروف حتى تتمكّن الطبقة العاملة من النضال من أجل بناء الاشتراكيّة.

وخلافا للدعاية الرجعيّة التي يقودها الاستعمار الفرنسي وحلفاؤه المحلّيون، فإن الانتفاضة العامّة المسلّحة لن تقود البلاد إلى الفوضى؛ بل على العكس من ذلك. فإنّ القوى الرجعيّة ستعمد إلى استعمال القوّة ضدّ الشعب، وبواسطة الممارسات غير المسؤولة والأنانيّة التي يمكن أن يرتكبوها، سيغرقون المجتمع في حرب أهليّة رجعيّة. إن الانتفاضة العامّة المسلّحة هي الطريق الأقلّ إيلاما لقيادة مجتمعنا نحو الاستقلال والسيادة الحقيقيّين، ونحو التطوّر الاقتصادي والسياسي، والاجتماعي والثقافي، ونحو الحداثة.

إنّ الانتفاضة العامّة المسلّحة والثورة الوطنيّة الديمقراطيّة الشعبيّة هي من إنجاز الجماهير الشعبيّة (الطبقة العاملة والفلاحين وبقيّة مكوّنات الشعب)، ويتمثّل دور الحزب الشيوعي الثوري لفولتا العليا في الرفع من وعيهم، وتوجيههم وتنظيمهم وقيادتهم بشكل سليم طبقا للتعاليم الماركسيّة اللينينيّة. وهذا ما يثابر من أجل القيام به، واضعا في ذهنه تعاليم فريدريك إنجلز معلّم البروليتاريا العالمي، والذي بعد استخلاص الدروس من ثورات القرن 19، كتب: “فلئن تغيّرت الظروف بالنسبة لحرب الشعوب، فإنّها لم تتغيّر بالنسبة للصراع الطبقي. لقد انقضى الوقت الذي كانت فيه الأقلية الواعية قادرة على القيام بالثورات، وقيادة الجماهير التي لا تحمل وعيا. هذا يعني أن تغييرات عميقة قد أثّرت في النظام المجتمعي. اليوم يجب أن تنخرط الجماهير بنفسها، وأن تكون على دراية بما يحدث، ولماذا يجب أن تتدخّل (بأجسادهم وحياتهم). هذا ما علّمنا التاريخ إيّاه هذه السنوات الخمسين الأخيرة. ولكن، حتى تتمكّن الجماهير من استيعاب مهامّها، لا بدّ من القيام بعمل طويل ومستمرّ، وهذا بالضبط ما نحن فاعلون، ونحن نقوم به ونحقّق انتصارات تخلق حالة من اليأس في صفوف أعدائنا” (ماركس- إنجلز؛ المؤلفات المختارة، نشر دار التقدّم، موسكو، ص.685)

إن التعاليم المضيئة لف. إنجلز تؤكّد، أيضا، أنّ الثورات هي قاطرات التاريخ، إلا أنّها لا تخاض بالضغط على زرّ. فمن أجل أن تندلع الثورات وتنتصر، لا بدّ من تجمّع ظروف موضوعيّة وظروف ذاتيّة (درجة الوعي والتنظّم ونوعيّة قيادة الجماهير). يجب إعداد الجماهير وتنظيمها بحكمة ونفاذ بصيرة، ومنهجيّة وحزم ومثابرة مرفوقين بروح التضحية. هذا ما ينصح به الحزب الشيوعي الثوري، حزب طليعة الطبقة العاملة، جماهير الطبقة العاملة والفلاحين وبقيّة مكوّنات الشعب، ساعيا إلى توجيههم وإنارة السبيل أمامهم. إنّه الحزب السياسيّ الوحيد في بلادنا القادر على القيام بهذه المهمّات، لأنّه الوحيد الذي يمتلك مشروعا مجتمعيّا وبرنامجا ثوريّا يمكّنان من القطع مع النظام الاستعماريّ الجديد.

فكلّ الأحزاب السياسيّة الأخرى المتواجدة حاليا في بلادنا باعتبارهم الممثّلين السياسيّين للطبقات والشرائح الرجعيّة من المجتمع حلفاء الامبرياليّة، لديهم في الحقيقة نفس البرنامج، وهو ذاك المفروض على شعبنا من الامبرياليّة عموما، والفرنسيّة بصورة خاصّة، والمؤسّسات الدوليّة النهّابة لمقدّرات البلاد، ولمزيد اضطهاد الشعب الكادح واستغلاله، وهو المُجبَر على المقاومة من أجل البقاء على قيد الحياة والرضا بالعيش في بؤس تامّ.

ولهذا بالذات، ورغم الخطب الديماغوجيّة والشعبويّة التي يلقيها بعض زعماء هذه الأحزاب، فإنّهم في الحقيقة لا يعيرون أيّ اهتمام لمعاناة الشعب، وليست لديهم النيّة البتّة في العمل من أجل إحداث تغيير أساسيّ يخدم مصالح الشعب. بل على العكس من ذلك، فإنّ بعض الأطراف من البورجوازيّة، والشّريحة العليا للبورجوازيّة الصغيرة، والتي تعتبر الأحزاب الرجعيّة تعبيرتها السياسيّة، يهدفون إلى خنق الطموحات العميقة للشعب، وتصفية الحركة الشعبيّة، وتجنّب انتصار الثورة. إنّهم يتكالبون من أجل حلّ الأزمة على حساب الطبقة العاملة والشعب. وقد كشفت انتفاضة 30 و31 أكتوبر 2014 عن وجههم ذاك. فقد تحالفت هذه الطبقات مع فوج الأمن الرئاسيّ والامبرياليّة الفرنسيّة على إثر الانقلاب المضادّ للثورة الذي حصل في غرّة نوفمبر رغبة منهم في وضع حدّ لديناميكيّة الانتفاضة الشعبيّة، وتجنّب انتصار الثورة ، والبحث عن منفذ إصلاحيّ للأزمة التي كان لا بدّ، بالنسبة لهم، أن تفرز نظاما استعماريّا جديدا يسمح لهم بتقاسم الكعكة، ومواصلة الدّفاع عن مصالح الاستعمار الفرنسي.

تتحمّل مجمل هذه الأحزاب والطبقات الرجعيّة أكبر قسط من المسؤوليّة في الوضع الكارثيّ الذي تعيشه بلادنا في الوقت الحاليّ. لقد برهنوا على إهمالهم، وعجزهم على تسيير شؤون الدولة من أجل ضمان الاستقرار السياسيّ وإدخال بلادنا في طريق الحداثة، والتطوّر الاقتصادي والاجتماعي. على الطبقة العاملة والفلاّحين وغيرهم من الطبقات الشعبيّة أن يرفضوا ” نقدهم الذاتي” و”اعتذارهم” المنافق، كما يجب عليهم أن يرفضوا الأوهام الانقلابيّة (فهم يحاولون تقديم الجناح الفاشي في القوّات المسلّحة على أنّه “منقذ” الشعب!) وعلى الطبقات الشعبيّة أيضا أن ترفض الأوهام الانتخابيّة التي تحملها.

إن الطريق الوحيد السليم هو طريق الانتفاضة العامة المسلّحة، طريق الثورة. وبأتباع هذا الطريق، يمكن للطبقة العاملة والفلاحين وبقية الفئات الشعبيّة أن تفرض نفسها كفاعلين حقيقيين وواعين بالقدر الذي يريدون، وسيكتبون هكذا صفحات مجيدة من تاريخنا الوطنيّ، وذلك بالتعويل على قواهم الخاصّة وعلى مساندة الحزب الشيوعي الثوري لهم، وسنده المتعدّد الأوجه. إنّها الطريق الوحيدة التي يمكن أن تخلّص الطبقة العاملة والفلاّحين وبقية الفئات الشعبيّة؛ ولهذا بالذات على:

• عمال وفلاحي فولتا العليا المسمّاة بوركينا فاسو، أنتم الذين يتمّ استغلالكم حتى النخاع، أنتم الذين تشتغلون دون أن تكسبوا غير النزر القليل !
• أنتنّ يا نساء فولتا العليا، أنتنّ يا من تعانين بصورة خاصّة من التخلّف الاقتصادي والثقافي الذي تعيشه بلادنا، أنتنّ اللواتي شاركن في كلّ النضالات التحرّريّة لشعبنا، ولكن ظللتنّ مستغَلاّت من السياسيّين الرجعيين!
• أنتم الشبيبة الشجاعة، أنتم يا من ناضلتم بكلّ شجاعة من أجل العدالة، ولكن تنقصكم التوقّعات المستقبليّة من لدن النظام السياسي الحالي، أنتم من تعانون بصورة خاصّة من البطالة!
• أيّها الجنود وضبّاط الصّفّ الديمقراطيون والتقدّميّون والثوريّون، كم عانيتم من التمييز والإهانة والإغاظة من السلطة ورجال الدولة أعوان بلاز كومباوري الذين نظّموا فراره واستولوا على السلطة بواسطة انقلاب مضاد للثورة يوم 1 نوفمبر 2014!
• أنتم يا أيّها المثقفون الديمقراطيّون والتقدّميّون والثوريّون، أنتم يا من تتمتّعون بكفاءات كبيرة تحتاجها بلادنا، إلاّ أنكم عانيتم من الإقصاء وتمّ تجميدكم!
• أنتم أيّها التجّار، أنتم يا أصحاب المؤسّسات، أنتم أيّها الحرفيّون الوطنيّون، الديمقراطيّون والثوريّون، أنتم يا من تخدمون وطنكم، يا من أراد النقيب بلاز كومباوري قطع أنفاسكم، وتصفيتكم لصالح عصابته والأعوان الأجانب!
• نداء إلى المنظّمات الديمقراطيّة والثوريّة، وإلى النقابات والمنظّمات غير الحكوميّة للدفاع عن حقوق الإنسان، وإلى منظّمات الشبيبة، ومنظمات النساء…

إن الحزب الشيوعي الثوري لفولتا العليا يدعوكم إلى جانبه، يدعوكم إلى التنظّم من أجل قلب سلطة النظام الاستعماريّ الجديد للجمهوريّة الخامسة عن طريق الانتفاضة العامّة المسلّحة والسوفياتات من أجل إنجاز الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة والشعبيّة؛ من أجل أنشاء الجمهوريّة الديمقراطيّة الحديثة والدولة العلمانيّة الديمقراطيّة الشعبيّة التي ستقطع مع التّقاليد السياسيّة الحاليّة ودفع بلادنا نحو بناء مجتمع العدالة والحرّيّة والتقدّم.

ـ فلننظّم الثورة بوضوح رؤية، ومنهجيّة، وحزم، ويقظة وروح تضحية!
ـ عاشت انتفاضة 30 و3 أكتوبر 2014!
ـ لا للانقلاب المضادّ للثورة لغرّة نوفمبر 2014!
ـ أنتم الامبرياليون، وخاصّة الفرنسيّون، ارحلوا!

انتهى


انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو (IV)

انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو، ترجمة مرتضى العبيدي (III)

انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو، ترجمة مرتضى العبيدي (II)

انتفاضة أكتوبر 2015 المنسية ببوركينا فاسو، ترجمة مرتضى العبيدي (I)